الفصل الذي لم يكمله ابن رشد في كتابه فصل المقال في ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ، يتحمله عنه الباحث، صاحب كتاب الزمكان والتشكل واعجاز القران، ليكمله، ويجمله وينقحه بمفهوم ولباس جديد يواكب المعطيات العلمية الحديثة ، إذ كان شعار الحكمة والفلسفة عند اهلها وروادها ، ابتداء من سقراط وافلاطون وارسطو وغيرهم، وانتهاء بالغزالي والفخر الرازي وابن رشد، كان شعارها وجوهرها هو النظر في الموجودات….وهم قد اعتمدوا آلة الاورغانون، وأما صاحبنا فقد اعتمد آلة جديدة، عبارة عن آلات،مختلطة ومتكاملة، ملاطها الرياضيات، وعمدها الفيزياء، وسقفها الفلك…ازدهرت واينعت هذه الآلات بتقدم العلوم، بالمقارنة لآلة قديمة، فإذا أردت ان اعطي مثلا فالكون قد يكون قائما على سمفونية موسيقية عميقة، ومعقدة, (اذا رجحنا، نظرية الاوتار الفائقة الدقة) ,كسمفونية بيتهوفن،مثلا او موزارت,وما عليك الا ان تقارن الآلات القديمة بالالات الجديدة في فن الموسيقى …..
فكتاب الزمكان والتشكل واعجاز القرآن وكأنه فصل المقال بين مفاهيم الزمكان، التي وردت في العلم الحديث والمفاهيم المماثلة التي وردت في القرآن، وانما اصبح الامر جليا ومترابطا متناسقا بمفاهيم النسبية العلمية، التي أكدت لنا مفهوم الكون النسبي، والقرآن ذكر لنا مفهوم السماء النسبية… فكما هناك زمكنات نسبية متعددة، هناك سماءات نسبية متعددة، وقد أوردها أو ذكرت في القرآن بحسب سياق الايات… فهناك السماء الأرضية وسماء المجموعة الشمسية وسماء المجرة والسماء الدنيا و هلم جرا.. فالزمكان متعرج ومقعر، والسماء متعرجة ومقعرة… فالسماء هي الزمكان الكوني، بخواصه ومستوياته،نسيج محبوك، تهتز فيه الفلكات او الافلاك، كل بما يحمله من أجرام ثقال جاريات، لهذا وجب ان يكون له ذبذبات وترددات، ..وأبعاد الزمكان بتعدد أنماطه وأشكاله بمواقع اجرامه هي في نسبيىة متفاوتة، سواء بخصوص البعد الزمني او بخصوص البعد المكاني، ونفس الأمر بالنسبة لنسبية الحركة، ومن هذا ترد مسألة جوهرية بخصوص الكون النسبي وهو عدم التزامن، ف أبراج السماء نراها ساكنة وهي ليست كذلك، ونظن أننا نراها حقيقة والأمر ليس كذلك، ونحن لما ننظر إلى السماء لا نرى حاضرها وإنما نرى ماضيها… وأما حاضرها فقد صار غيبا علينا… قال تعالى: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون/الآية، مرت ألف سنة عندنا، في سماءنا القمرية القريبة، لكنه بمثابة مرور يوم واحد عند الله في أجواء سماءه المتعددة البعيدة، يصف لنا الأمر وكان الوقت قد تباطأ او يكاد يتوقف في بعد مكاني آخر، فصدق الله العظيم، وسبحان الله، …هذا مما وفقنا الله اليه، فالله يختص برحمته من يشاء/الآية…نقول هذا ممتنين لله بفضله لا لأنفسنا… هذا والله أجل وأعلم…