أخبار المملكة نحو الحقيقة…
المعتصم أمغوز: باحث في سلك الدكتوراه
1: النشأة، من وحدوية البوليساريو إلى نزعة الانفصال
نشأت البوليساريو ضمن أجواء الحرب الباردة حيث تأسست سنة 1973، وكان ذلك خلال فترة الحرب الباردة التي كانت تشهد صراعاً بين القوى العظمى الأمريكية والسوفيتية وحلفائهما.
وكانت الحرب الباردة تتسم بالتنافس السياسي والاقتصادي والعسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وحلفاؤهما. وكانت تتركز في جميع أنحاء العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
هدف المؤسسين كان هو تحرير الأرض من الاستعمار، والمنطقة من الاستبداد والتبعية للغرب الاستعماري، بواسطة حرب العصابات
وفي هذا السياق، وجدت الجزائر فرصة للاستفادة من هذا الصراع العالمي لتأسيس جبهة البوليساريو كمنظمة سياسية وعسكرية تتبنى فكرة الانفصال عن المغرب وإقامة دولة صحراوية مستقلة في الصحراء المغربية.
وكان لزعيم المعارضة في الخارج الفقيه محمد البصري دور مهم في تحول الجبهة من دورها الوحدوي إلى النزعة الانفصالية عن المملكة المغربية، ومصطفى الوالي السيد ، التي ستتم تصفيته بعد ذلك 1976، لولا الهواري بومدين، والرئيس معمر القدافي بتأثير من الفقيه البصري لما حمل السلاح ضد المغرب .
ستصبح ليبيا هي الداعم الأساسي للبوليساريو، حيث بادر القدافي بتسليح البوليساريو ودعمها بالمال، رغبة منه في إسقاط نظام الحسن الثاني
وبدأت الجزائر في تقديم الدعم السياسي والعسكري لجبهة البوليساريو، وتوفير القاعدة اللوجستية والتدريب لمقاتلي الجبهة. وتزايدت التوترات بين المغرب والجزائر بشأن الصراع في الصحراء المغربية. واستمرار هذا الدعم لحدود اليوم، سبب هذا الدعم لا يتعلق بما تعلنه الجزائر من عدالة القضية أو تصفية الاستعمار كما يحلو للرئيس الجزائري تبرير الموقف ، بل لأن الجزائر وجدت فرصة لتصفية حسابات مع المغرب أو العدو الكلاسيكي كما يشاء النظام العسكري تسمية المملكة .
2: الحكم الذاتي
في عام 2007، عرضت المملكة المغربية خطة الحكم الذاتي لإدارة الصحراء المغربية تتضمن تقديم صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية للمنطقة، بالإضافة إلى إنشاء هيئات إدارية واقتصادية واجتماعية محلية تتحكم في شؤونها الداخلية، وتتمتع بحرية في إدارة مواردها الطبيعية وتطوير اقتصادها ورفع مستوى حياة سكانها .
وتعتبر هذه المبادرة خطوة هامة تجاه إيجاد حل دائم للنزاع ، حيث تتميز بالمرونة والقدرة على التعامل مع الواقع الميداني واحتياجات السكان المحليين. وقد حظيت المبادرة بتأييد من العديد من الدول والمنظمات الدولية .
وتعكس مبادرة الحكم الذاتي رغبة المغرب في إيجاد حل سلمي ودائم للنزاع في المنطقة، وهي تعكس أيضا الالتزام المغربي بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتهدف إلى إعطاء السكان المحليين القدرة على تحديد مستقبلهم والعيش في سلام واستقرار.
3:محتجزي تندوف و نهضة الصحراء المغربية
تتشكل مخيمات تندوف من خمسة مخيمات رئيسية: العيون والمحطة والسمارة والضباب وبركة السبع، وتضم هذه المخيمات عددًا كبيرًا من اللاجئين وبعض الجنسيات الافريقية الذين يعيشون هناك منذ عقود.
سكان مخيمات تندوف يتعرضون للقمع والاضطهاد من قبل السلطات الجزائرية، ويتم تقييد حرية التجول والتنقل وحرية التعبير لدى اللاجئين. وتوجد تقارير وشهادات عديدة تشير إلى وجود انتهاكات حقوق الإنسان في المخيمات، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري والقمع السياسي.
ومن المهم أن يتم توفير الحماية والدعم للاجئين في تندوف وضمان حقوقهم الأساسية. يجب أن تتحمل الجزائر مسؤوليتها كبلد مستضيف للاجئين وأن تلتزم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية الدولية في التعامل مع اللاجئين في المخيمات. ويجب أن يتعاون المجتمع الدولي في تحسين الأوضاع في المخيمات والعمل على حماية حقوق اللاجئين وتحسين أوضاعهم.
الجزائر باعتبارها دولة الاستقبال هي المسؤولة عن تردي الأوضاع الإنسانية لسكان المخيمات في تندوف، وهي المسؤولة عن عدم السماح للهيئات الدولية والحقوقية بالوصول الحر إلى هؤلاء السكان وإحصائهم.
في المقابل الحكومة المغربية تسعى جاهدة لتعزيز حقوق الإنسان والحريات المدنية والسياسية في المناطق المتنازع عليها . وتهدف هذه السياسة إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان في هذه المناطق وتوفير فرص أفضل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتحسين حالة حقوق الإنسان في الصحراء المغربية من خلال اتباع سياسات وإصلاحات جديدة. ومن بين هذه الإصلاحات كانت إنشاء المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، وتم توسيع صلاحيات المحاكم وتعزيز الحكم الذاتي للصحراء المغربية.
فيما يتعلق بالانفتاح الاقتصادي في الصحراء المغربية، فقد تم العمل على تطوير المنطقة وتعزيز اقتصادها عبر عدة مبادرات ومشاريع. وبمناسبة مرور 40 سنة على ذكرى المسيرة الخضراء ( 1975-2015 ) ، أعلنت المملكة المغربية عن تخصيص 77 مليار درهم مغربي، لـ “النموذج التنموي في الأقاليم الصحراوية” ، مخطط اقتصادي غير مسبوق في تاريخ المغرب وموجه للأقاليم الصحراوية ، الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز الاستثمارات في المنطقة، وتم العمل على تنمية السياحة في المنطقة عبر تطوير مشاريع السياحة الصحراوية.
4: العودة للاتحاد الافريقي و الانفتاح الديبلوماسي
المسألة المتعلقة بالانفتاح الدبلوماسي ومغربية الصحراء هي مسألة متعلقة بالصراع السياسي والدبلوماسي بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، حول منطقة الصحراء المغربية التي تنازع عليها الطرفان.
وقد اعترفت العديد من الدول بمغربية الصحراء، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وغيرها، فيما ترفض بعض الدول الأخرى اعترافها بمغربية الصحراء وتعتبر القضية مسألة مفتوحة تحتاج إلى حل سياسي ينصف الجميع.
ويأتي عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي كخطوة مهمة جدا ليصبح العضو الخامس والخمسين بعد 32 سنة من انسحاب الرباط من الاتحاد وسط إجماع إفريقي عنوانه الوحدة الإقليمية لجميع مكونات الاتحاد وإعادة مطالب طرد الجمهورية الوهمية .
كما عرف الانفتاح الدبلوماسي كجزء من الجهود التي تبذلها المملكة المغربية لتعزيز مكانتها الدولية وتوسيع دائرة الدعم الدولي لموقفها في الصراع حول الصحراء المغربية. وقد أدى هذا الانفتاح إلى اعتراف عدد من الدول بمغربية الصحراء، وتحقيق تقدم في الملف الدبلوماسي للمغرب. وفتح العديد من القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة .
5:الإعتراف الأمريكي
في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قامت الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء ودعمت المغرب في موقفها من هذه القضية. وقد أصدر الرئيس ترامب في ديسمبر 2020، بيانًا يعلن فيه اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء ودعم خطة الحكم الذاتي المقدمة من المغرب.
ويمثل هذا الموقف تغييرًا كبيرًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه هذه القضية، حيث كانت الولايات المتحدة في السابق تدعم عملية الحوار والتفاوض بين المغرب وجبهة البوليساريو من أجل إيجاد حل سلمي ودائم للنزاع في المنطقة.
ترامب كان يحظى بعلاقات جيدة مع المغرب، حيث أشاد في العديد من المناسبات بموقف المغرب الداعم للولايات المتحدة، وكذلك بالعلاقات الثنائية بين البلدين. وقد تعهد ترامب بتعزيز هذه العلاقات وزيادة التعاون في العديد من المجالات بما في ذلك الأمن والتجارة والاستثمار .
تجدر الإشارة إلى أنه بعد تولي الرئيس الجديد جو بايدن للحكم في الولايات المتحدة، لم يتم تغيير موقف الإدارة الأمريكية من قضية الصحراء .
